نحاول في هذا الفصل دراسة بعض مشكلات المجتمع اليمني، والتي هي أيضاً مشکلات المجتمع العربي بل ومشكلات الإنسان المعاصر في كل مكان، كونها تشكل تهديداً لمستقبل الإنسان، وينبغي أن ندرك أن المجتمعات كلها تعاني من مشكلات كثيرة، نتناول منها : مشكلات البطالة والفقر، وعمالة الأطفال، وشغل أوقات الفراغ، واستنزاف وتلوّث المياه، ويبقى عليكم أن تفكروا فيما يعانيه المجتمع من مشكلات أخرى.
مفهوم المشكلة الاجتماعية
تعرف المشكلة الاجتماعية بأنها خلل في العلاقات الإنسانية يهدد المجتمع ذاته تهديداً خطيراً، أو يعوق المطامح الرئيسة لكثير من الأفراد )، وتحتاج الدول والمجتمعات بمختلف أنظمتها السياسية والاقتصادية، إلى إمكانيات كبيرة لحل هذه المشكلات، كي لا تقف عائقاً أمام النمو والإزدهار.
نماذج من مشكلات المجتمع اليمني
مشكلة البطالة
مشكلة البطالة من المشاكل التي تشكل جزءاً من أي واقع اقتصادي؛ فمن الصعب الوصول إلى حالة التشغيل الكامل ، إلا أن البطالة تختلف من حيث أنواعها وأسبابها وآثارها من مجتمع لآخر.
١ - مفهوم البطالة
تعرف البطالة بأنها : « تدنّي مستوى توافر فرص العمل، للقادرين على العمل، ويشترط في هؤلاء القادرين عليه الذهاب إلى سوق العمل أي انهم يذهبون للبحث عن عمل ولا يجدونه ).
٢ - أنواع البطالة
هناك أنواع من البطالة، تختلف باختلاف مستوى التطور الاقتصادي، الاجتماعي للمجتمع، فهناك البطالة الظاهرة ، والمقصود بها « زيادة مستوى عرض العمل ونقص مستوى الطلب على العمل في سوق العمل». وهناك البطالة المقنعة والمقصود بها امتصاص عـرض العمل دون مراعاة الطلب على العمل في سوق العمل كالتضخم الوظيفي، وهناك البطالة الموسمية والمقصود بها «توافر فرص العمل في مواسم معينة واختفاؤها في مواسم أخرى فالسياحة في اليمن -مثلا- تنشط في فصل الشتاء وتركد في فصل الصيف، وقطف عناقيد العنب ينشط في الصيف ويختفي في فصل الشتاء .. وهكذا
٢- أسباب البطالة
تختلف أسباب البطالة من مجتمع لآخر، فالمجتمعات المتقدمة تعاني من البطالة الناجمة عن إحلال التكنولوجيا محل الإنسان، أما المجتمعات النامية فإنها تعاني من البطالة الناجمة عن ضعف البنية الاقتصادية وزيادة معدل النمو السكاني وتدني مستوى التأهيل والتدريب.
٤- آثار البطالة
يترتب على انتشار البطالة مشكلات كثيرة أهمها صعوبة توفير متطلبات الحياة اليومية للعاطلين عن العمل ولأسرهم، خاصة في ظل قصور الضمان الاجتماعي، الأمر الذي يؤدي بالضرورة إلى تفاقم مشكلة الفقر، ويسهم في عملية الركود الاقتصادي، وبالإضافة إلى الآثار الاجتماعية والاقتصادية، فهناك الآثار النفسية، التي يعاني منها العاطلون عن العمل، والتي قد تدفعهم إلى التسول أو البحث عن أعمال لا تتناسب مع مؤهلاتهم أو لا تليق بمستوياتهم الاجتماعية.
جهود الدولة في التخفيف من آثار البطالة
تسعى الحكومة جاهدة إلى توفير فرص العمل من خلال ما تقوم به من خطط تنموية تستهدف امتصاص البطالة، بالإضافة إلى دعم وتشجيع القطاع الخاص المحلي والدولي للاستثمار في اليمن حتى تتوفر فرص عمل تحد من البطالة.
مشكلة الفقر
يعتبر الفقر عاملاً من عوامل التخلّف، وما يؤكد ذلك هو أن الدول المتقدمة تسمى بالدول الغنية والبلدان المتخلفة تسمى بالبلدان الفقيرة، ويقصد بالفقر ( عدم قدرة بعض الأسر على توفير الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية من غذاء وملبس وتعليم وصحة وسكن»، والمجتمع اليمني يعاني من مشكلة الفقر، وفي دراسة لعينة عشوائية من المجتمع اليمني : اتضح أن عدد الأسر الفقيرة في المجتمع تشكل حوالي ٣٠٪ من إجمالي الأسر. وتختلف درجة الفقر من مجتمع لآخر، ولمعرفة مرتبة اليمن بين الدول من حيث مستوى الفقر فإن تقرير التنمية البشرية لسنة ٢٠١٣م قد وضع اليمن في المرتبة ١٦٠ من أصل ٢٦٢ بلداً تم تصنيفها حسب مستوى التنمية البشرية.
١- أسباب الفقر
هناك مجموعة أسباب تؤدي إلى انتشار الفقر في المجتمع اليمني ، من أهمها: تدني مستوى الدخل، وارتفاع معدل النمو السكاني ، وغياب الاستغلال الأمثل للموارد وإضافة إلى هذه الأسباب، هناك عوامل أخرى تزيد من احتمال الوقوع في الفقر مثل: كبر حجم الأسرة مع تدني مستوى الدخل، أو كبر حجم الأسرة مع صغر سن العائل، وكذا ارتفاع نسبة الأمية.
٢- الآثار الناجمة عن الفقر
إن تأثير الفقر لا يتوقف عند مستوى الفرد والأسرة، بل أنه يتجاوز ذلك ليؤثر على جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجـتـمـاعـيـة والثقافية، فعلى مستوى الأفراد والأسر ، يؤدي الفقر إلى حرمان الأفراد من الاستمتاع بأوقات فراغهم، ويحرمهم من تأمين الأساسيات اللازمة لحياتهم، كالمأكل والملبس والمسكن المناسب، ويجعل الكثير منهم عرضة للأمراض، كما يؤدي إلى حرمان الاطفال من الالتحاق بالتعليم، ويدفعهم إلى سوق العمل. أما على مستوى المجتمع : فإن الفقر يجعل الدولة غير قادرة على توفير كثير من الخدمات الضرورية، وإذا نجحت في توفير بعضها، فإنها تقدمها للمواطنين بمستوى أقل جودة.
جهود الدولة في التخفيف من آثار الفقر
تسعى كثير من الدول بالتعاون مع منظمات ومؤسسات المجتمع إلى محاربة الفقر حتى لا يعيق عملية التنمية. وفى اليمن زادت وتنوعت المنظمات الاجتماعية (جمعيات تعاونية جمعيات خيرية، نقابات ..) التي تتعاون مع الحكومة في التخفيف من معاناة الأسر الفقيرة، ففى خلال الدين وعشرين سنة ارتفع عددها من ٢٧٠ منظمة في عام ۱۹۹۰ إلى أكثر من خمسة آلاف منظمة في عام ٢٠١٢م، ويتوسع نشاطات هذه المؤسسات تزايد حجم المستفيدين منها، فهي تقوم بتسهيل حصول الأفراد والأسر الفقيرة على القروض الصغيرة من البنوك، ومن المنظمات شبه الحكومية ( كالصندوق الاجتماعي للتنمية)، كما تقوم بدور الوسيط بين الأسر الفقيرة وتلك المنظمات، وإضافة إلى ذلك فبعض تلك المنظمات والجمعيات تقدم المساعدات العينية أو النقدية للأسر الفقيرة في المناسبات الدينية والوطنية، وفي بعض المواسم، كموسم الدخول إلى المدارس. إلا أن الاسر الفقيرة المستفيدة من هذه الخدمات لا تشكل نسبة كبيرة في المجتمع.
كما قامت الحكومة بمعالجة الفقر والتخفيف من عبثه بتوسيع حجم المستفيدين من صندوق الرعاية الاجتماعية، والذي يستهدف تخفيف وطأة وشدة الفقر، ورفع المعاناة عن الفقراء والمعوزين والأيتام والعاجزين عن العمل، بالإضافة إلى أسر الغائبين، والمفقودين، والسجناء. وعلاوة على دور صندوق الرعاية الاجتماعية، فقد قامت الحكومة - مؤخرا - بوضع وتحديد مجموعة من الأهداف، لتخفيف نسبة الفقر مستقبلاً، وذلك من خلال نمو اقتصادي مناسب يعمل على رفع مستوى المعيشة، وسيكون له دور في رفع مستوى معيشة الأسرة اليمنية، وإتاحــة الـفـرص لجـمـيـع الأطفال، ليتمتعوا بطفولتهم، بدلاً من الانخراط في سوق العمل.